Friday, October 22, 2010

تشكيل عصابه لخطف ماما وبابا



سؤال يطرح نفسه، ما هو الحل؟ إذا كان أحد الوالدين أو كلاهما يسبب ضيقا وحزنا كبيرين للابن، فماذا يفعل؟

ذات يوم تفتق ذهني عن حل عبقري، لماذا لا ننشئ جماعة إرهابية أو عصابة لخطف الآباء المغضوب عليهم؟ حينها بالطبع سوف يفكر كل الآباء مئة مرة قبل أن تسول لهم نفوسهم إغضاب الابن بأي سلوك كان.

:)~

وأخذت أتصور المكان الذي سنحتجز فيه الآباء بعد اختطافهم، هل نحتجزهم في "أودة الفران"؟ أم نرسلهم بطائرة إلى مثلث برمودا ونتخلص منهم إلى الأبد؟ هل لنا أن نبتكر وسائل تعذيب حديثة لهم؟ أم لا داعي إلى ذلك فإنهم في الأول وفي الآخر أهلنا برضو؟

وأخذت أتخيل كيف سيغرق الأبناء بعد ذلك في تبذير وتبديد أموال الوالدين بعد رحيلهما، وسوف يقيمون حفلا ضخما ويدعون أصدقاءهم ليشربوا كأسا (من عصير التفاح الطبيعي) بمناسبة الحرية التي حصلوا عليها أخيرا.

ثم تخيلت فجأة أن واحدا من بين الأبناء سوف يعلن وصايته على البيت وعلى إخوته بعد رحيل أبويه ويبدأ في تكرار المأساة وسيعيد التاريخ نفسه، فإذا بي أنزعج بشدة.. وعندها اكتشفت إني كان لازم أتغطى وأنا نايمه

أي ابن وهو في بداية طريقه للمطالبة بحقوقه مع والديه، لابد أن تصدر عنه بعض الأخطاء، كما سوف يتعرض لمواجهة عنيفة ورفض من قبل والديه بلا شك حتى يبدأوا في تقبل مطالبه الجديدة والاستجابة لها تدريجيا، ويبدأ هو أيضا في إيجاد وسائل أكثر نضجا للوصول لأهدافه.

ولأن المادة طبعا لا تفنى ولا يمكن بتاتا أن تستحدث من العدم، لا أتصور من الابن أن يكون فجأة مثاليا ناضجا هادئا حاسبا لكل خطواته متزنا في انفعالاته وهو يطالب والديه بحقوقه، من أين سيأتي بتلك المثالية؟ هيجيب منين؟؟

لو أنه نشأ فوجد أن والده عندما يختلف معه فإنه يعنفه ويرفع صوته عليه أو يضربه أو يستخدم سلطاته في قهره والضغط عليه، كيف سيتعلم أن يقدم مطالبه إلى والديه عن طريق الحوار الهادئ والتفاهم؟؟

وفي المقابل لا يتوقع الابن أن يستجيب له والداه منذ الوهلة الأولى، فلا ضير من صفعتين وعدة ركلات على الماشي

:)

إنه ليس تحريضا ولا موافقة مني على العنف، ولكن- بالمنطق وبالواقع وعلما بطبيعة البشر- الصدام مرحلة سوف تحدث لا محالة، إلى أن يبدأ الطرفين في فهم بعضهما البعض والبحث عن وسيلة أخرى للتواصل والتعايش السلمي!

ليس بالضرورة أن يستجيب كل الآباء لمطالب أبنائهم ببساطة وسلاسة وبمجرد أن يطالبوهم بها، هناك آباء لن يستجيبوا إلا بعد عدة زلازل وانقلابات حتى يبدأوا في استشعار أهمية أن يجدوا علاجا لهذا الصداع المزمن المدعو ابنـًا!

وجدير بالذكر أن بعض الآباء لن يكون علاجهم لهذا الصداع سوى القهر وكسر شوكة الابن وتحطيم رأسه وسحقه تماما بلا رحمة، وكأنهم يأخذون الأمر بشكل من التحدي والعداء وإثبات الذات بالتخلص من الآخر والقضاء عليه حتى ولو كان هذا الآخر هو فلذة أكبادهم كما يدعون. وهذه النوعية في الحقيقة لا يقهرها إلا الله، وربنا ع المفتري بقى.

ولكني أؤمن أن الشريحة الأكبر من الآباء سوف تستجيب مع الوقت ولو كانت استجابة نسبية، وستعالج الأمر بشيء من التنازل والحب والتقرب إلى الابن، وستجدي معها المحاولة على المدى البعيد حتى وإن لم تتحقق للابن النتيجة المثالية كما كان ينشدها... لكن يجب على الابن أن يحاول!

هذا لأن معظم الآباء في الغالب يسيئون للابن جهلا منهم أو نتيجةً لأفكار ومفاهيم خاطئة تكونت لديهم، مع التأكيد أن بعض إساءات الآباء لأبنائهم تكون بسبب الأنانية وقسوة القلب مع الأسف الشديد.

إذا حاولت أن أضع اقتراحاتٍ أو أفكارا أو وسائلَ تساعد الأبناء على التعامل مع أبوين غير متفاهمين، يجب أن أوضح إنني لا أدعي امتلاك حلول لمشاكلنا مع آبائنا، ولست أخصائية اجتماعية، وإنما كل ما بوسعي أن أقدمه هو استلهامات من تجارب بعض الأبناء التي حققت نجاحا نسبيا، وبعض الأساليب التي تساعد على التخفيف من حدة المشكلة أو على الأقل تقدم نوعا من أنواع التعويض للابن، مع التوضيح مبدئيا أن على الابن أن يلجأ إلى الله ويطلب منه المساعدة والهداية مع الأخذ بالأسباب.

أول اقتراح وأهم اقتراح في رأيي أن يكون للابن هواية أو نشاط يستحوذ على اهتمامه ويعبر فيه عن نفسه بعيدا عن دائرة مشاكله مع والديه. ذلك أن انشغال وقت الابن بأنشطة وهوايات يحبها ويجد فيها نفسه سيقلل من الوقت والاهتمام المتبقي لديه للصراع مع والديه.

كذلك فإن وجود علاقات أخرى خارج حدود المنزل الكئيبة سواء كانت مع أصدقاء أو أساتذة أو جيران- خاصة لو كان من بينهم شخص أكبر سنا وأنضج عقلا وأرحب صدرا، قادر على احتواء الابن وتعويضه نسبيا عن أبويه- سوف يساعد ذلك على تزويد الابن بالحب والاحترام وممارسة نوعا آخر من التعاملات القائمة على الحوار والتفاهم والتسامح بدلا من تلك القائمة على العض والرفس والنطح!


ثالثا: المعرفة ثم المعرفة ثم المعرفة ... على الابن أن يقرأ ويتعلم ويبحث ويبدأ في تربية نفسه بنفسه من جديد واكتساب معارف ومعلومات وخبرات تزيد من قدرته على حل مشكلاته وتوسع مداركه وتساعده على التطور والنمو أو على الأقل تملأ ذهنه بأشياء أخرى بجانب علاقته بأهله ومن ثم تقلل من مساحة معاناته واهتمامه بتلك العلاقة غير الناجحة.

وهذا الاقتراح تحديدا واسع الأهمية... لأنه سيعينك على اكتشاف كثير من أخطاء أبويك وسيعينك أيضا على التغلب على أي مزاعم غير صحيحة يدعيها الآباء أحيانا لتبرير مواقفهم أهمها استخدام الدين في إقناعك بالطاعة العمياء لهم وقهر أي محاولة لك أن تتمرد عليهم حتى وإن كنت على صواب.

بالمعرفة فقط تستطيع أن تدرك خطأ ما يزعمون وتتغلب على أي محاولة لتشويه وتخريب وإفساد عقلك، وإنك لن تتخلص من هذا الهراء لو أصريت على الاحتفاظ بجهلك.

آباؤنا هم المصدر الأول للتعلم والتعرف على الحياة، وأن تكتشف أن هذا المصدر غير أمين ولا يزودك بمعلومات صحيحة فضلا عن أن تتصدى له وتخلق أفكارك وقناعاتك الخاصة- هي مسألة ليست سهلة، لذلك اقرأ .. اقرأ ... اقرأ.


وأخيرا كلما قل اعتمادك على والديك فكريا وعاطفيا إلى أن تحقق اكتفاءا ماديا وكلما زادت مساحة استقلالك عنهما زادت فرصتك في الحصول على مساحة أكبر من الاحترام من والديك ومساحة أخرى من الإنصات والاستجابة لما تقول.


أفيدونا بتجاربكم على هذه المدونة

Friday, October 1, 2010

هل تحترم ابنك؟

عندما تدخل إلى المنزل - أيها الأب أو أيتها الأم - أو عندما تقترب من غرفة أحد الأبناء، كيف يكون شعور ابنك؟ هل سألت نفسك هذا السؤال من قبل؟ بعض الأبناء يشعر بالضيق.. بعضهم يشعر بالخوف.. البعض يشعر بالتهديد والخطر.. والبعض يشعر بالإنزعاج فقد كانت الأوضاع مستقرة وكان مطمئن النفس صافي الذهن قبل أن يفقد توًا هدوءه لسبب معروف.

إنها مشاعر.. لغة المشاعر.. وهي لغة لا أطمح أن يستوعبها كثيرون، لأنهم لم يتعلموا أبجدياتها بل على الأرجح إنهم لم يحاولوا ذلك.. كما لا أطمع أن يطرح الآباء على أنفسهم هذا السؤال أصلا - إلا من رحم ربي. لذلك لن أندهش إذا لم يفهم كلامي -في هذا المقال وفي هذا المقال بالذات- كثير من الآباء، ولذلك أيضا ومنذ البدء أعلن أن ما سأقوله "كلام مش هتفهموه"ـ

لو حدثت والديك عن أهمية تقدير رأيك (رأي إيه يا أبو رأي؟) أو عن احترام شخصيتك (جاك وجع في شخصيتك) أو عن مراعاة مشاعرك (هو انت بتحس ولا عندك دم؟) أتحداك أن تحتفظ بكرامتك في حوالي نصف الحالات تقريبا كما أتحداك أن يستوعبا كلامك أصلا في الغالبية العظمي منها.

ولو أردت أن تصل بهذا المشهد الهزلي إلى أقصى مداه استعمل أمامهما كلمات مثل: "ضرورة الحوار"، و"احترام الخصوصية"، و "ثقافة الاختلاف"، و"مشاركة الاهتمامات"، و"حرية التعبير".. وابقى احكي لي إيه اللى حصلك بعدها

الاحترام معنى غائب غيابا كبيرا من على خريطة أولويات الآباء. فكثير منهم يجزلون العطاء المادي للأبناء لكن يصحبون هذا العطاء بجفاء في العواطف، أو قسوة في التعامل أو جرح للمشاعر، ثم ينعتون الابن بالجاحد عندما يشكو سوء المعاملة ويغضب من الإساءة المعنوية.. وفقا للمثل الشعبي "لاقيني ولا تغديني"ـ

ولكن يراه الوالدان "متدلع" وفي رواية أخرى "مصروم" وناكر للجميل ولم يقدر ما يقدم والداه وما يفعلان من أجله، وإنه لا يعاني إلا من الرفاهية والترف والتدليل الذي أفسده... وليس له علاج إلا الحرمان. ويتراءى لهما أنهما لو كانا قد حرما هذا العاق من هذه الماديات كما حُرم أبناء غيره لانصلح حاله ولكان أكثر برا لهما!!

الأبناء عادة يتحدثون في وادٍ، بينما يتحدث الآباء في وادٍ آخر. يتحدث الابن عن حقوقه المعنوية واحترام مشاعره واحترام رأيه وحريته وكرامته ويغضب من الإساءة لأي من هذه الأمور -سواء بقصد أو بغير قصد- ومعه كل الحق في ذلك.. لأن الاحترام ملمح من ملامح إنسانيته. بينما يتحدث الآباء عن جدهم وتعبهم ليل نهار من أجل توفير احتياجات الابن الأساسية.. من غذاء وكساء ومأوى ... وأمور في مجملها مادية بحتة، ومعهم بعض الحق في ذلك فعلى الابن أن يقدر سهرهم على راحته.

ويرى الوالدان أن الابن لا يقدم مقابلا -ماديا أيضا- لكل ما يقدم له الوالدين من عطاء [[مادي]]، بل ويقارنان أيضا بين ما كان يقدمه لهما آباؤهما في السابق وبين ما يقدمان لأبنائهما الآن، في مقابل زيادة قدرة الأبناء في هذا العصر على مناقشة ومناطحة ومعارضة الآباء ما لم يكن سابقا- في علاقة آبائنا بأجدادنا- أكثر من مجرد خيال علمي.

وعليه يزداد اقتناع الآباء أنهم يعطون أكثر مما أخذوا ويأخذون أقل مما أعطوا. وتتفاعل أفكارهم قاصرة الرؤية حتى تصل إلى نتيجة مفادها أنهم دللونا وتركوا لنا الحبل على الغارب! كل هذا وقد تناسوا تماما أن حقوق الابن على والديه ليست فقط حقوقا مادية تنحصر في تلك الاحتياجات التي يشترك فيها الإنسان والحيوان على حد سواء.

لذا فعندما تتحدث -كابن- عن ثقتك في نفسك التي يهدمها والدك يوميا بكلامه السلبي وتوبيخه وتجريحه وهجومه على ذاتك وعدم احترامه لك، يرد والدك بأنك لا تنشغل إلا بالتفاهات. وكذلك الأمر إذا تحدثت عن قيم ذوقية أخرى بدءا من طرق باب غرفتك قبل اقتحامها فجأة وكأنك توًا قد تحولت لمدمن بانجو يقع في قبضة أحد رجال الشرطة!! ---ـ

مرورا باستخدام لغة آدمية رقيقة في توجيه طلب أو خطاب إليك من أحد والديك، فبدلا من جملة "انت مبتردش ليه يا حيوان؟" لم لا تكون "ألم تسمعني يا فلان؟" مع استخدام اسمك الذي ربما لا تكاد تسمعه إلا في الأعياد والمناسبات الخاصة حيث تم استبداله في الغالب بأحد أسماء الحيوانات، أو بدلا من جملة "إياك أن تتأخري خارج البيت يا بنت الـ(....)!!" تفضل جملة "أخاف عليك من البقاء خارج البيت لساعة متأخرة يا ابنتي" ---ـ

وانتهاء بعدم انتهاك كرامتك سواء بالكلام أو بالاعتداء البدني أمام الناس أو حتى على انفراد. كل هذا في نظر كثير من الآباء تفاهات.. ولا أدرى ماذا تبقى إذن -لدى هؤلاء الآباء- لم يصنف ضمن التفاهات؟

الأهل من هذا النوع غير قادرين على استيعاب لغة المشاعر والقيم الإنسانية الأرقى، كما إنهم لا يمكن أن يدفعوا أبناءهم للنضج والنمو الشخصي ولا أن يشجعوهم على النبوغ في موهبة أو المشاركة في بناء مجتمعهم أو الانشغال بهموم وطنهم أو ممارسة أي هواية بناءة. ويزداد الأمر غرابة إذا كان هؤلاء الأهل- على الرغم من كل ذلك- من المتعلمين!

المشكلة الكبرى أن معظمنا –أيا معشر الأبناء- يتحول تدريجيا إلى نسخة طبق الأصل من أبويه، وبعد عقدين من الآن في الغالب سيردد ابنه نفس هذا الكلام عنه.

آباؤنا يحتاجون لدروس في الحب ودروس في الحنان ودروس في المعاملات الصالحة للاستهلاك الآدمي، ودورات مكثفة في التربية والحوار واحترام الذات. وعن تجارب كثيرة- شخصية وغير شخصية- صدقوني كثير من الآباء لا يفهمون هذا الكلام أصلا!! والكلام معهم بهذا الصدد ومحاولة إقناعهم ما هو إلا ضرب من ضروب [[العبــــــث]] لا طائل منه!ـ

لا أجد ختاما أفضل من أن أسوق موقفا طريفا لأحد الآباء يقول ((في بداية حياتي عندما تزوجت، غيـّر والدي أسلوبه في الخطاب معي فقد صرت الآن مسئولا وعلى وشك أن أصير أبا، فحدثني في الهاتف يدعو لي بالفلاح والتوفيق في حياتي وناداني قائلا (يا أستاذ فلان)، قلقت بشدة وقلت له: "ارض عني يا والدي! ... هل أنت غاضب علي؟؟ لماذا تغيرت في كلامك معي؟"))

وحتى أزيل الدهشة عن القارئ فإن والده كان دائما ما يناديه بقوله "يابن الكلب"، لدرجة أن صارت أذنه أكثر ألفة مع هذا اللقب، وأكثر نفورا عند سماع اسمه الحقيقي!