Monday, December 5, 2011

بلاغ إلى الله!



أرجو التفريق بين نوعين مختلفين عن بعضهما تماما وبينهما ما بين الشرق والغرب وما بين السماء والأرض من مسافات. أرجو التفريق بين الأم والأب اللذان منحا أبنائهما الحماية والحب والاحترام ودفعاهم للأمام ومثلا لأبنائهما نموذجا للإنسانية وحسن الخلق، وبين رجل وامرأة تزوجا وقاما بإشباع الغريزة الجنسية كوظيفة بيولوجية، وحملت هذه المرأة وأنجبت أيضا كوظيفة بيولوجية وبدلا من أن يرعا ابنهما أو أبنائهما، قاما بإهانتهم وتحطيمهم وانتهاك حقوقهم.
هذا لا يجعل منهما أبا وأما وإنما يجعل منهما مجرمين لا يحملان من الأمومة والأبوة أكثر من الألقاب.

أرى نماذج كثيرة تؤكد لي أن فئة لا يستهان بها من الأبناء يبدو أنهم يعيشون في سجون جوانتانامو وليس في بيوتهم وسط أهليهم. وأرى أن أحدا لا يلتفت لهذه الكارثة ولا يلوذ عن الابن أو يحميه. وأرى أن أحدا لا يناصر الابن المظلوم ولو حتى بمجرد الكلام إلا نادرا!
وأن مجتمعنا به شيء خطأ، وأننا جبناء إلى حد المرض، وأننا نتقبل وقوع الظلم ووجود الظالمين أكثر مما نتقبل دفاع المظلوم عن نفسه ومطالبته بحقه! وأننا نُدين تمرد الأبناء وثورتهم على ظلم أبويهم بدلا من أن ندين ظلم أبويهم نفسه.
وأننا نحاسب رد الفعل ونتعامى عن الفعل الأصلى. وأننا نستسهل إلقاء اللوم على الضحية بدلا من مواجهة الظالم خشية بطشه وجبروته. ونميل إلى تبرير الانتهاك والاعتداء والعنف بدلا من تجريمها ومعاقبة فاعليها.

نستنكر أن يصرخ ابن في وجه أبيه ولو كان الابن محقا، وقد لا نهتم عندما نسمع أبا يشتم ابنه: انتا كذا وابن كذا! ثم يقول أنه حر، هذا ابنه وهو يربيه! لا أدري كيف يربيه وهو محتاج يتربى أساسا؟! نستنكر أن يواجه ابن أباه بأنه كاذب، ولا نستنكر أن الأب كان كاذبا فعلا!
ونردد كلمات: "عيب" و"حرام" و"لا يصح" مع أن العيب هو أن يكذب الأب، لا أن يعلق الابن على ذلك ويسمّي الكذب باسمه! بالله عليكم ما هذا الحَوَل؟ وهذا الجنون؟ استعيدوا عقولكم الله يهديكم، استعيدوها أرجوكم!

الفجور هو عدم الخوف من الله، والسفه هو التطاول على الناس بسبب وبدون سبب حتى، والإجرام هو استباحة حرمات الآخرين والاعتداء عليها. وأؤكد أن كثيرا من الآباء والأمهات يتسمون بالفجور والسفه والإجرام، فأي عاقل يدافع عن آباء كهؤلاء؟
متى نجرم عقوق الآباء لأبنائهم كما نجرم- وقبل أن نجرم- عقوق الأبناء لآبائهم؟ متى نتعقل ونعتدل ونتزن ولا نكيل بمكيالين؟ أين الدولة وأين القضاء وأين الشرطة وأين المؤسسات التي يمكنها احتضان الأبناء المفترى عليهم وحماية حقوقهم؟
من يأخذ للمستضعفين حقوقهم؟ من يحث الأبناء على طلب حقوقهم والإبلاغ عن جرائم أهلهم؟ بدلا من "البسبسة": بس ده مهما كان باباك!، بس أصلك لن تتزوج إلا بوجود أهلك! بس الناس هتقول علينا إيه؟!، بس أصلك لو بلغت عنه هتفضح نفسك! ........ إلخ.

لا أدري من الذي يجب أن يخشى الفضيحة والعار؟ المذنب أم الذي يطالب بحقه؟ ولا أدري لماذا يخاف بعض الناس من الناس أكثر مما يخافون من الله نفسه؟! ولا أدري أي زواج تفكرون فيه قبل أن تحظوا بحياة كريمة أولا؟
ولا أدري لو كان الابن المظلوم مرتبطا وقرر أن يأخذ حقه من والديه فإذا بشريكه يتركه بدلا من أن يسانده، فماذا يدفعه للتمسك بهذا الشريك أصلا؟
وما فائدة الحفاظ على شكل الأسرة الخارجي إذا كانت من الداخل منهارة تماما؟ لماذا يعبـُد بعض الناس الشكل والظاهر حتى ولو كان مزيفا؟ ولماذا يصرون على الحفاظ عليه رغم كل الظروف؟

أن يطالب الابن بحقه هذا مجلبة للاحترام لا للفضيحة. أن يكون للابن أبوان مجرمان هذا يجعلهما حثالة وليس هو. وأنا أؤمن أن الابن لا يكون حثالة إلا لو قرر ألا يطالب والديه بحقه وبدلا من ذلك قرر الانتقام من أبنائه!
كما أن مكانة المرء وثروته الحقيقية مسألة تعتمد على شخصه هو وأخلاقه هو وعقله وعمله وعطائه ليس على أهله ومظهرهم الاجتماعي خصوصا لو كان "زائفا".
إنك لا تجني من الشوك العنب. ولا سمع ولا طاعة ولا احترام ولا حب لأب وأم يزرعان الإهانة والقسوة والعدوان ويرجوان أن يحصدا من ذلك شيئا غير الازدراء والكراهية والحرب إذا لزم الأمر.



Friday, November 18, 2011

هتموت الساعه كام؟! ـ

إذا أصررت على قرارك هذا فسوف تقتل أباك!
لو سافرت للعمل أو للدراسة سيصاب والدك بالشلل!!
ولو تزوجت فلان أو لم تتزوج فلانة فسوف تصاب أمك بسكتة قلبية!!
ولو فعلت كذا وكذا سيصاب والداك بجلطة!

و و و إلى آخر هذه الإدعاءات والتهديدات الغريبة التي تعطينا حجما أكبر من حجمنا وقدرات خارقة لا نملك شيئا منها.
الغرض الرئيسي من هذا الأسلوب هو قهر الابن قهرا معنويا ودفعه لترك شيء أو فعل شيء وهو متوهم أنه بذلك (يضحي) من أجل إنقاذ روح أبيه أو أمه!!
ويزيد الأمر سوءا قيام أحد الوالدين بالشكوى والنحيب والتمارض واتهام الابن أنه المتسبب في كل ذلك، وفي المقابل يوجد كثير من السفهاء ينقادون وراء كلام الأب أو الأم بلا تفكير ويتعاطفون مع الوالد ويشيع عن الابن أنه قاتل أبيه!

وسؤالي للآباء الذين يستخدمون هذا الأسلوب: كيف عرفتم أنكم ستموتون؟ كم عدد السنوات المتبقية لكم إذن؟ ربما كان ما يتبقى للابن من سنوات في الحياة أقل مما يتبقى لكم، فما أدراكم؟؟
وما دخل الموت بما يختلف فيه الأبناء مع آبائهم؟؟ ثم إن هناك كثير من الأبناء يقولون آراءهم ويتخذون قرارات فردية ويعترضون ويتذمرون، ولا تتوقف وظائف القلب والكبد والكلي ولا يموت أحد من جراء أفعالهم البريئة تلك!
وهل لو تراجع الابن عن القرار الذي لا يعجب الأب أو الأم، عندئذ سيضمن ويضمنا أنهما لن يموتا ؟؟

أرجوكم كفى!! كفى استبدادا وابتزازا وتهديدا واستخفافا بعقولنا،
فلتموتوا غدا لو قدر الله لكم الموت ولكن اتقوا الله في أبنائكم واعلموا أنكم ستحاسبون على ما ارتكبتم في حقهم.
واعلموا أنه لا يهم كم سيعيش الأب ولا متى سيموت، المهم هو ما يفعله في حياته.

في المرة القادمة عندما تتخذ قرارا لا يعجب والدك، فيهددك أنه سيموت لو نفذت قرارك، عندئذ اسأله: هيموت الساعه كام؟!

Monday, October 10, 2011

استغاثة عاطفية



طوبتان وفردة حذاء!
تشكل استجابة في مواقف كثيرة يكون فيها الابن بحاجة إلى ضمة حنونة أو كلمة طيبة من أبويه.. وهناك استجابة أخرى يبدو فيها الجدار أكثر إحساسا واهتماما بمشاعر الابن من أبويه اللذين يبدو عليهما الفتور واللامبالاة..
على الرغم أن بعض الأمهات والآباء يولون اهتماما كبيرا بما يخص تناول أبنائهم للطعام وأخذهم قسطا كافيا من النوم وكذلك يهتمون باحتياجاتهم الأخرى من ملابس ومال وخلافه إلا أنهم في المقابل قد لا يعبأون مطلقا بمشاعر أبنائهم واحتياجاتهم العاطفية.
وهي مأساة بكل المقاييس إذا علمنا أن هناك أمهات لم يحدث أن أخذن واحدا من أبنائهن في حضنهن أو قبـّلنه ربما منذ سنوات! كما تعاني العلاقة بينهن وبين أبنائهن من افتقار شديد لكلمات الحب مثل "وحشتني"، "بحبك"، "خد بالك من نفسك"، "طمني عليك".. وغيرها.

ولا يتوقع الابن من أم كتلك أن تحضر له مثلا هدية أو شيئا كان يريده لكي تفاجئه به ... ولا أن تأتي إلى غرفته لتسأل عن أحواله وتجلس معه ليحكي لها عن ما يهمه ويسعده أو يحزنه أو يطمح إليه... ولا أن تفتح له ذراعيها إذا أتاها باكيا أو مثقلا بالهموم.
وإن حجم الفجوة بينها وبين أبنائها عظيم بحيث لا يمكن لأي شيء آخر أن يملأه أو يعوضه. فالحب المفقود لا يقدر بأي ثمن، كما أن ارتفاع مستوى المعيشة لا يعني بالضرورة ارتفاع مستوى الأمومة أو الأبوة!
وأمام هذه البلادة الشعورية عند بعض الأمهات والآباء هناك من الأبناء من يلح في طلب الحب والحنان ويستجدي المشاعر التي يحتاجها بمرارة وألم، وهناك من يأبى بكبرياء مجروح أن يأتيه الحب تسولا، فيصمت في النهاية بعد أن يجف رصيده من الدموع.

والحب فعلا لا يأتي طلبا ولا استجداء. فإنه يفقد معناه متى جاء عن سؤال. أتساءل من أي تركيب يتكون هؤلاء الآباء والأمهات الذين لا يعرفون الحب والحنان؟؟ أستنكر أن يكونوا أناسا مثلنا لدى كل منهم روح وقلب وإحساس.
الأم التي ليس لديها قدرة على إعطاء الحنان فلتبحث لنفسها عن أي وظيفة أخرى غير الأمومة، والأب أيضا.. ولكن الأم تحمل الوزر الأكبر في هذه القضية بالذات .. قضية الحنان والحب والدفء والاحتواء.
وإن هذا "الحب البيولوجي" الذي لا يعلو على إشباع الاحتياجات البيولوجية والمادية للابن هو حب حيواني في المقام الأول تماما كما يحب القطط أو الفئران أبناءهم ... فنحن- معشر البشر- لنا احتياجات أخرى أهم من الاحتياجات البيولوجية ..

ولا غرابة إذن أن تكون رسالة هذا النوع من الآباء والأمهات في الحياة وواجبهم الذي يحملونه على عاتقهم تجاه أبنائهم هو تزويجهم! وتجد لديهم استعدادا كبيرا لإقامة مشاحنات وحروب طاحنة وضغوط مكثفة على الابن حتى يتزوج، فيكونوا بذلك قد أتموا واجبهم في إشباع كل الحاجات البيولوجية لأبنائهم!
ولا غرابة أيضا أن لا يكون لدى هذا النوع من الآباء والأمهات تقديرا للمواهب الفنية أو الأدبية التي يحملها أبناءهم .. وكذلك للطموحات العلمية أو الدراسية لدى الأبناء .. فكلها أشياء فوق مستوى إدراكهم الحسي المادي البيولوجي!
ولا غرابة كذلك أن يكون هذا النوع من الآباء والأمهات هم الأكثر اعتداءً على أبنائهم لفظيا وبدنيا ... فكلها أعراض متكاملة لطريقة واحدة من التفكير والسلوك لا تنتمي لبني الإنسان.

إن لي رأيا قديما في الحب هو أن كل إنسان يضع بصمته الشخصية على حبه، ومن هنا تظهر الفروق بين حب وحب، فالعادل يحب والظالم يحب، كما أن الراقي يحب والوضيع يحب .. وهكذا شتان بين حب وحب.
وحب الآباء الغريزي لأبنائهم ينطبع بدوره بالبصمة الشخصية للأبوين كما أنه لا يشفع لهم إهمالهم لمشاعر الأبناء ولا يمثل صك غفران لهم إذا أهانوا أو جرحوا أبناءهم .. فالحب احترام واهتمام واحتواء.
هذا هو الحب الذي ينتظره أي إنسان وسيظل إلى أن يحصل عليه في حالة "استغاثة عاطفية".