Wednesday, July 25, 2012

كيفية إحباط مبادرات الإصلاح


عندما أفكر في حلول لتحسين العلاقة بين الابن وأبويه مثل اقتراح بأن يطلب الابن من والديه الحوار ويخبرهما بما قاما به من أفعال أغضبته
فأتخيل أن رد فعل الأم والأب على كلامه هو الإنكار والتجريح والإهانة وتعديد أخطاء الابن على طريقة "الهجوم خير وسيلة للدفاع"
فإذا بي أشرد بذهني بعيدا ثم أصمت...!!


عندما أفكر في حلول لتحسين العلاقة بين الابن وأبويه مثل اقتراح بأن يكتب الابن لأمه أو لأبيه رسالة يعبر فيها عن مشاعره وآماله واحتياجاته منهما ويضعها في غرفة نومهما أو حيث يمكنهما رؤيتها 
فأتخيل أن أحدهما أو كلاهما بعد أن رأى الرسالة أمسك بها ببرود ثم قرأها دون تأنٍ ثم تركها في استهتار أو ألقى بها في سلة المهملات!!
فإذا بي أشرد بذهني بعيدا ثم أصمت... !!


عندما أفكر في حلول تساعد على تقريب المسافات وإزالة الفجوة بين الابن وأبويه كاقتراح أن يحاول الابن أن يشرك أبويه في المجال الذي يحبه ويحكي لهما باهتمام وتأثر عن هوايته المفضلة
فأتخيل أنهما لم ينظرا إليه وهو يتكلم ولم ينصتا له.. فإذا أصر أن يستمعا له صاحا في وجهه وأخبراه أن وقتهما مشغول وليسا مثله لا شغلة ولا مشغلة!! 
ثم ختماها بأن سخرا مما كان يحكيه لهما... أشرد بذهني بعيدا ثم أصمت... !!


عندما أفكر في بعض التنازلات التي يمكن أن يقدمها الابن لأبويه لكي يرضيهما ويستميل قلبيهما فيرقـّا له ويتوقف الصراع المحتدم
ومن جانبهما يقدما بدورهما بعض التنازلات لكي يصعد مؤشر الحب والتسامح فيما بينهم ويهبط مؤشر العناد والتحدي والأنانية
لكن أتخيل أنهما قابلا مبادرته لحل الخلاف باستهانة وسوء تقدير وافترضا أن هذا واجب عليه وليس تفضلا منه واشترطا المزيد من التنازلات المتعسفة مع مطالبته بالإذعان الكامل!!
فإذا بي أشرد بذهني بعيدا ثم أصمت....!!


عندما أفكر في إمكانية أن يكون العتاب الفوري على أي خطأ يصدر من الأبوين وسيلة جيدة لإزالة أي عوالق سلبية تشوب العلاقة بين الطرفين
فأتخيل أن رد فعل الأبوين هو رفض الاعتراف بالخطأ بل تكراره للتوكيد!! وارتكاب المزيد من الأخطاء ربما بالاعتداء على الابن أو معاقبته أنه تجرأ وانتقد سلوك أبويه!! 
فإذا بي أشرد بذهني بعيدا ثم أصمت... !!


عندما تـُقابل محاولات الابن للتقرب من أبويه بكل برود وتجاهل.. وعندما تؤدي محاولات الابن إصلاح عيب عند أبويه أو النهي عن اعتداء يقع منهما عليه إلى ارتكاب المزيد من الأخطاء والانتهاكات 
وتأخذ الأزمات في التصاعد وتأخذ المشكلات في التعقيد..
أشعر بالإحباط الشديد..
 لكل خيبات الأمل التي يحسها الأبناء وهم يبادرون لحل مشكلة، فيستقبلون المزيد!!

Tuesday, February 21, 2012

خبرة السنين المظلمة!! ـ

كُلـّنا أو جُلـّنا قد صُمّـت آذاننا بأن خبرة آبائنا في الحياة هي الصحيحة، وأننا سَنَعِي ذلك متأخرا.. وأننا نرفض ما يسمونه بـ"نصائحهم" لأننا طائشون! وسوف ندرك ذلك بعد فوات الأوان..
ويوم تسوَدّ الدنيا في أعيننا وتضيق بنا السبل ونفقد كل الحيل.. يوم لا ينفع الندم و لا يغني مال ولا بنون!..
أتعجب من هذا الكلام ويبدو لي وكأن آباءنا يتمنون لنا هذا المستقبل المظلم لمجرد أننا نرفض آراءهم!!!!!!

كيف تدعي الأم أو يدعي الأب أن كلاهما لديه خبرة في الحياة وأن الحياة علمته وأنه.. وأنه.. حتى ليكاد المرء يتصور أن والده أو والدته أحد أنبياء زمانهم، مع أن أحدا منهم لا يحتمل أن يكون لابنه رأيا مخالفا أو أن يرغب في أن يجرب بنفسه أو يعتنق رؤية مختلفة؟
بَيْد أنهم بهذا الشكل يفتقدون لأهم خبرة: القدرة على استيعاب واحتواء تطلعات أبنائهم، لكن لا غرابة... فالتناقض آفة الجنس البشري ..

ومن المستفز جدا أن بعض الآباء يأخذون رفض أولادهم لنصائحهم التي هي في الواقع أوامر، يأخذ الآباء هذا الرفض على كرامتهم! ما يؤدي بهم إلى ردود فعل تخلو بشكل سافر من مشاعر الأمومة والأبوة المحبة والمتسامحة والمضحية.
بل تتسم ردود الفعل بالأنانية وتمنّي الفشل للابن حتى لا يَثبُت أن وجهة نظره كانت أصح من أبويه... وأحيانا نجد لدى الوالد نوعا من الكبر والإنكار لو نجح الابن وأصاب في رأيه.. أو نجد لديه "شماتة!!" لو فشل الابن وجانبه التوفيق ...

وإذا تكلمنا عن الخبرة.. ربما علينا أن نسأل ما هي الخبرة؟؟؟ وهل آباؤنا فعلا لديهم خبرة؟؟ أتمنى ذلك والله... ليتهم يعلمونا من خبراتهم وحكمتهم وعلمهم الوفير..
علمونا فنحن ظمآى.. نبوس أيديكم أعطونا من خبراتكم... نحتاج لمن يعلمنا كيف نختلف؟.. كيف نفكر؟؟.. كيف نتحاور؟؟.. كيف نتخذ القرارات؟.. كيف نحل المشكلات؟ كيف نواجه مخاوفنا؟
كيف نكون الأصدقاء؟ كيف نحقق ذواتنا؟ كيف نختار شركاء حياتنا؟

أليست هذه هي الخبرات؟؟ وما الخبرة إذن إن لم تكن هي النضج والحكمة؟! فهل حقا آباؤنا ناضجون؟
وكيف يمكن لغير الناضج أن يربي طفلا؟ وما نتيجة ذلك سوى جيل "مترباش" كما قلت في مقال قديم، كان الإرهاص الأول للثورة على الآباء.. جيل يلهث وراء محاضرات التنمية البشرية التي لا تغني ولا تثمن من جوع.
ومع احترامي لكل محاضري التنمية البشرية وعلى رأسهم رائد المجال دكتور إبراهيم الفقي رحمه الله.. فالناس لا يغيّرهم الحديث عن الفضائل، إنما يحتاجون لمن يدرّب نفوسهم عليها.
وفراغ القدوة الذي خلـّفه أبوين غير ناضجين لا يمكن ملؤه بالمحاضرات والخطب والكلام... وهذا ما يلمسه كثير من مرتادي هذه المحاضرات أنفسهم؛ أن الناس لا يتغيرون هكذا.

يبدو لي أن الخبرة ليست مجرد رصيدٍ في بنك العمر، فهذا الرصيد لا يُعبّر بالضرورة عن، ولا يتوازي مع أرصدة النضج والحكمة والأخلاق. يبدو أن الناس جميعهم يمرون بتجارب في الحياة، إلا أن قليلا منهم من يكتسب فعلا خبرات إيجابية من هذه التجارب.
والواقع أن من بين آبائنا وأمهاتنا من لديهم خبرات في الحياة والزواج والعمل والعلاقات والتربية وخلافه.. لا نجد لها وصفا سوى أنها مزرية ومؤسفة! ومصير من يتبعها أن يكتشف عاجلا أو آجلا كم كان مغفلاً كبيراً!

كما يبدو على الصعيد الآخر أن الأبناء في موقف صعب.. فتحت وطأة استبداد الأبوين يَنْصَبّ كل تفكير الأبناء على التخلص من سلطة الأبوين غير العادلة وعندما ينجحون في ذلك، يجدون أنفسهم فجأة في مهب الريح أو عرض البحر..
لا يعرفون أين موقعهم ولا إلى أين يتجهون.. مما يشعرهم بالخوف والضياع.. وقد يشكـّون في هذه اللحظة أن الوالدين كانا على حق وأن ما زعماه من أنهم خبراء وحكماء زمانهم كان صحيحا... وهو ليس بالضرورة كذلك.
هذا المأزق الصعب يحدث لأن الحصول على الخبرة الحقيقية والتوجيه والإرشاد القائم على وعي وبصيرة وتفهّم هو احتياج مهم عند الأبناء جميعا.

أنا لا أنصح الأبناء بالرضوخ لتحكم الأبوين وسلطتهم... فقط لنحاول أن نبصر جيدا أين نقف وإلى أين نتجه.. قبل إعلان العصيان.. أو ربما احتجنا لوظيفة اجتماعية جديدة: حكيم عام ... أو مُرَبّي عام ... لكنني أخشى أن نضطر للقيام بثورة عليه هو الآخر !!
إذن الكتب هي الحل.. فلنجأ إليها لتعيننا على تصحيح الخبرات المشوهة...

والحق أن بين الناس أشخاصا مربّين بالفطرة يقومون بعمليات تعديل وضبط وتصحيح لأفكار وسلوكيات وخبرات من حولهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا،
يفعلون هذا في صمت وتواضع ودون أن يدّعوا أنهم حكماء زمانهم أو أنبياء عصرهم... وقد لا يقدّر الناس هذا ولا يَرَونه للأسف الشديد... والسبب في رأيي أن بعضنا لا يدرك المعنى الحقيقي لكلمة: "خبرة"..
هذا النوع من العمى الذي يفقدنا القدرة على التمييز بين الخبرة الحقيقية وإدعاء الخبرة هو ما يُعين كثيراً من الآباء على التمسك بما هم عليه من ضلال وخطإ..
ويساعدهم على ذلك التابوهات المحفوظة التي تقدس الأبوين وتنصرهم سواء كانوا ظالمين أو مظلومين.
الله المستعان.

Monday, December 5, 2011

بلاغ إلى الله!



أرجو التفريق بين نوعين مختلفين عن بعضهما تماما وبينهما ما بين الشرق والغرب وما بين السماء والأرض من مسافات. أرجو التفريق بين الأم والأب اللذان منحا أبنائهما الحماية والحب والاحترام ودفعاهم للأمام ومثلا لأبنائهما نموذجا للإنسانية وحسن الخلق، وبين رجل وامرأة تزوجا وقاما بإشباع الغريزة الجنسية كوظيفة بيولوجية، وحملت هذه المرأة وأنجبت أيضا كوظيفة بيولوجية وبدلا من أن يرعا ابنهما أو أبنائهما، قاما بإهانتهم وتحطيمهم وانتهاك حقوقهم.
هذا لا يجعل منهما أبا وأما وإنما يجعل منهما مجرمين لا يحملان من الأمومة والأبوة أكثر من الألقاب.

أرى نماذج كثيرة تؤكد لي أن فئة لا يستهان بها من الأبناء يبدو أنهم يعيشون في سجون جوانتانامو وليس في بيوتهم وسط أهليهم. وأرى أن أحدا لا يلتفت لهذه الكارثة ولا يلوذ عن الابن أو يحميه. وأرى أن أحدا لا يناصر الابن المظلوم ولو حتى بمجرد الكلام إلا نادرا!
وأن مجتمعنا به شيء خطأ، وأننا جبناء إلى حد المرض، وأننا نتقبل وقوع الظلم ووجود الظالمين أكثر مما نتقبل دفاع المظلوم عن نفسه ومطالبته بحقه! وأننا نُدين تمرد الأبناء وثورتهم على ظلم أبويهم بدلا من أن ندين ظلم أبويهم نفسه.
وأننا نحاسب رد الفعل ونتعامى عن الفعل الأصلى. وأننا نستسهل إلقاء اللوم على الضحية بدلا من مواجهة الظالم خشية بطشه وجبروته. ونميل إلى تبرير الانتهاك والاعتداء والعنف بدلا من تجريمها ومعاقبة فاعليها.

نستنكر أن يصرخ ابن في وجه أبيه ولو كان الابن محقا، وقد لا نهتم عندما نسمع أبا يشتم ابنه: انتا كذا وابن كذا! ثم يقول أنه حر، هذا ابنه وهو يربيه! لا أدري كيف يربيه وهو محتاج يتربى أساسا؟! نستنكر أن يواجه ابن أباه بأنه كاذب، ولا نستنكر أن الأب كان كاذبا فعلا!
ونردد كلمات: "عيب" و"حرام" و"لا يصح" مع أن العيب هو أن يكذب الأب، لا أن يعلق الابن على ذلك ويسمّي الكذب باسمه! بالله عليكم ما هذا الحَوَل؟ وهذا الجنون؟ استعيدوا عقولكم الله يهديكم، استعيدوها أرجوكم!

الفجور هو عدم الخوف من الله، والسفه هو التطاول على الناس بسبب وبدون سبب حتى، والإجرام هو استباحة حرمات الآخرين والاعتداء عليها. وأؤكد أن كثيرا من الآباء والأمهات يتسمون بالفجور والسفه والإجرام، فأي عاقل يدافع عن آباء كهؤلاء؟
متى نجرم عقوق الآباء لأبنائهم كما نجرم- وقبل أن نجرم- عقوق الأبناء لآبائهم؟ متى نتعقل ونعتدل ونتزن ولا نكيل بمكيالين؟ أين الدولة وأين القضاء وأين الشرطة وأين المؤسسات التي يمكنها احتضان الأبناء المفترى عليهم وحماية حقوقهم؟
من يأخذ للمستضعفين حقوقهم؟ من يحث الأبناء على طلب حقوقهم والإبلاغ عن جرائم أهلهم؟ بدلا من "البسبسة": بس ده مهما كان باباك!، بس أصلك لن تتزوج إلا بوجود أهلك! بس الناس هتقول علينا إيه؟!، بس أصلك لو بلغت عنه هتفضح نفسك! ........ إلخ.

لا أدري من الذي يجب أن يخشى الفضيحة والعار؟ المذنب أم الذي يطالب بحقه؟ ولا أدري لماذا يخاف بعض الناس من الناس أكثر مما يخافون من الله نفسه؟! ولا أدري أي زواج تفكرون فيه قبل أن تحظوا بحياة كريمة أولا؟
ولا أدري لو كان الابن المظلوم مرتبطا وقرر أن يأخذ حقه من والديه فإذا بشريكه يتركه بدلا من أن يسانده، فماذا يدفعه للتمسك بهذا الشريك أصلا؟
وما فائدة الحفاظ على شكل الأسرة الخارجي إذا كانت من الداخل منهارة تماما؟ لماذا يعبـُد بعض الناس الشكل والظاهر حتى ولو كان مزيفا؟ ولماذا يصرون على الحفاظ عليه رغم كل الظروف؟

أن يطالب الابن بحقه هذا مجلبة للاحترام لا للفضيحة. أن يكون للابن أبوان مجرمان هذا يجعلهما حثالة وليس هو. وأنا أؤمن أن الابن لا يكون حثالة إلا لو قرر ألا يطالب والديه بحقه وبدلا من ذلك قرر الانتقام من أبنائه!
كما أن مكانة المرء وثروته الحقيقية مسألة تعتمد على شخصه هو وأخلاقه هو وعقله وعمله وعطائه ليس على أهله ومظهرهم الاجتماعي خصوصا لو كان "زائفا".
إنك لا تجني من الشوك العنب. ولا سمع ولا طاعة ولا احترام ولا حب لأب وأم يزرعان الإهانة والقسوة والعدوان ويرجوان أن يحصدا من ذلك شيئا غير الازدراء والكراهية والحرب إذا لزم الأمر.



Friday, November 18, 2011

هتموت الساعه كام؟! ـ

إذا أصررت على قرارك هذا فسوف تقتل أباك!
لو سافرت للعمل أو للدراسة سيصاب والدك بالشلل!!
ولو تزوجت فلان أو لم تتزوج فلانة فسوف تصاب أمك بسكتة قلبية!!
ولو فعلت كذا وكذا سيصاب والداك بجلطة!

و و و إلى آخر هذه الإدعاءات والتهديدات الغريبة التي تعطينا حجما أكبر من حجمنا وقدرات خارقة لا نملك شيئا منها.
الغرض الرئيسي من هذا الأسلوب هو قهر الابن قهرا معنويا ودفعه لترك شيء أو فعل شيء وهو متوهم أنه بذلك (يضحي) من أجل إنقاذ روح أبيه أو أمه!!
ويزيد الأمر سوءا قيام أحد الوالدين بالشكوى والنحيب والتمارض واتهام الابن أنه المتسبب في كل ذلك، وفي المقابل يوجد كثير من السفهاء ينقادون وراء كلام الأب أو الأم بلا تفكير ويتعاطفون مع الوالد ويشيع عن الابن أنه قاتل أبيه!

وسؤالي للآباء الذين يستخدمون هذا الأسلوب: كيف عرفتم أنكم ستموتون؟ كم عدد السنوات المتبقية لكم إذن؟ ربما كان ما يتبقى للابن من سنوات في الحياة أقل مما يتبقى لكم، فما أدراكم؟؟
وما دخل الموت بما يختلف فيه الأبناء مع آبائهم؟؟ ثم إن هناك كثير من الأبناء يقولون آراءهم ويتخذون قرارات فردية ويعترضون ويتذمرون، ولا تتوقف وظائف القلب والكبد والكلي ولا يموت أحد من جراء أفعالهم البريئة تلك!
وهل لو تراجع الابن عن القرار الذي لا يعجب الأب أو الأم، عندئذ سيضمن ويضمنا أنهما لن يموتا ؟؟

أرجوكم كفى!! كفى استبدادا وابتزازا وتهديدا واستخفافا بعقولنا،
فلتموتوا غدا لو قدر الله لكم الموت ولكن اتقوا الله في أبنائكم واعلموا أنكم ستحاسبون على ما ارتكبتم في حقهم.
واعلموا أنه لا يهم كم سيعيش الأب ولا متى سيموت، المهم هو ما يفعله في حياته.

في المرة القادمة عندما تتخذ قرارا لا يعجب والدك، فيهددك أنه سيموت لو نفذت قرارك، عندئذ اسأله: هيموت الساعه كام؟!

Monday, October 10, 2011

استغاثة عاطفية



طوبتان وفردة حذاء!
تشكل استجابة في مواقف كثيرة يكون فيها الابن بحاجة إلى ضمة حنونة أو كلمة طيبة من أبويه.. وهناك استجابة أخرى يبدو فيها الجدار أكثر إحساسا واهتماما بمشاعر الابن من أبويه اللذين يبدو عليهما الفتور واللامبالاة..
على الرغم أن بعض الأمهات والآباء يولون اهتماما كبيرا بما يخص تناول أبنائهم للطعام وأخذهم قسطا كافيا من النوم وكذلك يهتمون باحتياجاتهم الأخرى من ملابس ومال وخلافه إلا أنهم في المقابل قد لا يعبأون مطلقا بمشاعر أبنائهم واحتياجاتهم العاطفية.
وهي مأساة بكل المقاييس إذا علمنا أن هناك أمهات لم يحدث أن أخذن واحدا من أبنائهن في حضنهن أو قبـّلنه ربما منذ سنوات! كما تعاني العلاقة بينهن وبين أبنائهن من افتقار شديد لكلمات الحب مثل "وحشتني"، "بحبك"، "خد بالك من نفسك"، "طمني عليك".. وغيرها.

ولا يتوقع الابن من أم كتلك أن تحضر له مثلا هدية أو شيئا كان يريده لكي تفاجئه به ... ولا أن تأتي إلى غرفته لتسأل عن أحواله وتجلس معه ليحكي لها عن ما يهمه ويسعده أو يحزنه أو يطمح إليه... ولا أن تفتح له ذراعيها إذا أتاها باكيا أو مثقلا بالهموم.
وإن حجم الفجوة بينها وبين أبنائها عظيم بحيث لا يمكن لأي شيء آخر أن يملأه أو يعوضه. فالحب المفقود لا يقدر بأي ثمن، كما أن ارتفاع مستوى المعيشة لا يعني بالضرورة ارتفاع مستوى الأمومة أو الأبوة!
وأمام هذه البلادة الشعورية عند بعض الأمهات والآباء هناك من الأبناء من يلح في طلب الحب والحنان ويستجدي المشاعر التي يحتاجها بمرارة وألم، وهناك من يأبى بكبرياء مجروح أن يأتيه الحب تسولا، فيصمت في النهاية بعد أن يجف رصيده من الدموع.

والحب فعلا لا يأتي طلبا ولا استجداء. فإنه يفقد معناه متى جاء عن سؤال. أتساءل من أي تركيب يتكون هؤلاء الآباء والأمهات الذين لا يعرفون الحب والحنان؟؟ أستنكر أن يكونوا أناسا مثلنا لدى كل منهم روح وقلب وإحساس.
الأم التي ليس لديها قدرة على إعطاء الحنان فلتبحث لنفسها عن أي وظيفة أخرى غير الأمومة، والأب أيضا.. ولكن الأم تحمل الوزر الأكبر في هذه القضية بالذات .. قضية الحنان والحب والدفء والاحتواء.
وإن هذا "الحب البيولوجي" الذي لا يعلو على إشباع الاحتياجات البيولوجية والمادية للابن هو حب حيواني في المقام الأول تماما كما يحب القطط أو الفئران أبناءهم ... فنحن- معشر البشر- لنا احتياجات أخرى أهم من الاحتياجات البيولوجية ..

ولا غرابة إذن أن تكون رسالة هذا النوع من الآباء والأمهات في الحياة وواجبهم الذي يحملونه على عاتقهم تجاه أبنائهم هو تزويجهم! وتجد لديهم استعدادا كبيرا لإقامة مشاحنات وحروب طاحنة وضغوط مكثفة على الابن حتى يتزوج، فيكونوا بذلك قد أتموا واجبهم في إشباع كل الحاجات البيولوجية لأبنائهم!
ولا غرابة أيضا أن لا يكون لدى هذا النوع من الآباء والأمهات تقديرا للمواهب الفنية أو الأدبية التي يحملها أبناءهم .. وكذلك للطموحات العلمية أو الدراسية لدى الأبناء .. فكلها أشياء فوق مستوى إدراكهم الحسي المادي البيولوجي!
ولا غرابة كذلك أن يكون هذا النوع من الآباء والأمهات هم الأكثر اعتداءً على أبنائهم لفظيا وبدنيا ... فكلها أعراض متكاملة لطريقة واحدة من التفكير والسلوك لا تنتمي لبني الإنسان.

إن لي رأيا قديما في الحب هو أن كل إنسان يضع بصمته الشخصية على حبه، ومن هنا تظهر الفروق بين حب وحب، فالعادل يحب والظالم يحب، كما أن الراقي يحب والوضيع يحب .. وهكذا شتان بين حب وحب.
وحب الآباء الغريزي لأبنائهم ينطبع بدوره بالبصمة الشخصية للأبوين كما أنه لا يشفع لهم إهمالهم لمشاعر الأبناء ولا يمثل صك غفران لهم إذا أهانوا أو جرحوا أبناءهم .. فالحب احترام واهتمام واحتواء.
هذا هو الحب الذي ينتظره أي إنسان وسيظل إلى أن يحصل عليه في حالة "استغاثة عاطفية".




Friday, October 22, 2010

تشكيل عصابه لخطف ماما وبابا



سؤال يطرح نفسه، ما هو الحل؟ إذا كان أحد الوالدين أو كلاهما يسبب ضيقا وحزنا كبيرين للابن، فماذا يفعل؟

ذات يوم تفتق ذهني عن حل عبقري، لماذا لا ننشئ جماعة إرهابية أو عصابة لخطف الآباء المغضوب عليهم؟ حينها بالطبع سوف يفكر كل الآباء مئة مرة قبل أن تسول لهم نفوسهم إغضاب الابن بأي سلوك كان.

:)~

وأخذت أتصور المكان الذي سنحتجز فيه الآباء بعد اختطافهم، هل نحتجزهم في "أودة الفران"؟ أم نرسلهم بطائرة إلى مثلث برمودا ونتخلص منهم إلى الأبد؟ هل لنا أن نبتكر وسائل تعذيب حديثة لهم؟ أم لا داعي إلى ذلك فإنهم في الأول وفي الآخر أهلنا برضو؟

وأخذت أتخيل كيف سيغرق الأبناء بعد ذلك في تبذير وتبديد أموال الوالدين بعد رحيلهما، وسوف يقيمون حفلا ضخما ويدعون أصدقاءهم ليشربوا كأسا (من عصير التفاح الطبيعي) بمناسبة الحرية التي حصلوا عليها أخيرا.

ثم تخيلت فجأة أن واحدا من بين الأبناء سوف يعلن وصايته على البيت وعلى إخوته بعد رحيل أبويه ويبدأ في تكرار المأساة وسيعيد التاريخ نفسه، فإذا بي أنزعج بشدة.. وعندها اكتشفت إني كان لازم أتغطى وأنا نايمه

أي ابن وهو في بداية طريقه للمطالبة بحقوقه مع والديه، لابد أن تصدر عنه بعض الأخطاء، كما سوف يتعرض لمواجهة عنيفة ورفض من قبل والديه بلا شك حتى يبدأوا في تقبل مطالبه الجديدة والاستجابة لها تدريجيا، ويبدأ هو أيضا في إيجاد وسائل أكثر نضجا للوصول لأهدافه.

ولأن المادة طبعا لا تفنى ولا يمكن بتاتا أن تستحدث من العدم، لا أتصور من الابن أن يكون فجأة مثاليا ناضجا هادئا حاسبا لكل خطواته متزنا في انفعالاته وهو يطالب والديه بحقوقه، من أين سيأتي بتلك المثالية؟ هيجيب منين؟؟

لو أنه نشأ فوجد أن والده عندما يختلف معه فإنه يعنفه ويرفع صوته عليه أو يضربه أو يستخدم سلطاته في قهره والضغط عليه، كيف سيتعلم أن يقدم مطالبه إلى والديه عن طريق الحوار الهادئ والتفاهم؟؟

وفي المقابل لا يتوقع الابن أن يستجيب له والداه منذ الوهلة الأولى، فلا ضير من صفعتين وعدة ركلات على الماشي

:)

إنه ليس تحريضا ولا موافقة مني على العنف، ولكن- بالمنطق وبالواقع وعلما بطبيعة البشر- الصدام مرحلة سوف تحدث لا محالة، إلى أن يبدأ الطرفين في فهم بعضهما البعض والبحث عن وسيلة أخرى للتواصل والتعايش السلمي!

ليس بالضرورة أن يستجيب كل الآباء لمطالب أبنائهم ببساطة وسلاسة وبمجرد أن يطالبوهم بها، هناك آباء لن يستجيبوا إلا بعد عدة زلازل وانقلابات حتى يبدأوا في استشعار أهمية أن يجدوا علاجا لهذا الصداع المزمن المدعو ابنـًا!

وجدير بالذكر أن بعض الآباء لن يكون علاجهم لهذا الصداع سوى القهر وكسر شوكة الابن وتحطيم رأسه وسحقه تماما بلا رحمة، وكأنهم يأخذون الأمر بشكل من التحدي والعداء وإثبات الذات بالتخلص من الآخر والقضاء عليه حتى ولو كان هذا الآخر هو فلذة أكبادهم كما يدعون. وهذه النوعية في الحقيقة لا يقهرها إلا الله، وربنا ع المفتري بقى.

ولكني أؤمن أن الشريحة الأكبر من الآباء سوف تستجيب مع الوقت ولو كانت استجابة نسبية، وستعالج الأمر بشيء من التنازل والحب والتقرب إلى الابن، وستجدي معها المحاولة على المدى البعيد حتى وإن لم تتحقق للابن النتيجة المثالية كما كان ينشدها... لكن يجب على الابن أن يحاول!

هذا لأن معظم الآباء في الغالب يسيئون للابن جهلا منهم أو نتيجةً لأفكار ومفاهيم خاطئة تكونت لديهم، مع التأكيد أن بعض إساءات الآباء لأبنائهم تكون بسبب الأنانية وقسوة القلب مع الأسف الشديد.

إذا حاولت أن أضع اقتراحاتٍ أو أفكارا أو وسائلَ تساعد الأبناء على التعامل مع أبوين غير متفاهمين، يجب أن أوضح إنني لا أدعي امتلاك حلول لمشاكلنا مع آبائنا، ولست أخصائية اجتماعية، وإنما كل ما بوسعي أن أقدمه هو استلهامات من تجارب بعض الأبناء التي حققت نجاحا نسبيا، وبعض الأساليب التي تساعد على التخفيف من حدة المشكلة أو على الأقل تقدم نوعا من أنواع التعويض للابن، مع التوضيح مبدئيا أن على الابن أن يلجأ إلى الله ويطلب منه المساعدة والهداية مع الأخذ بالأسباب.

أول اقتراح وأهم اقتراح في رأيي أن يكون للابن هواية أو نشاط يستحوذ على اهتمامه ويعبر فيه عن نفسه بعيدا عن دائرة مشاكله مع والديه. ذلك أن انشغال وقت الابن بأنشطة وهوايات يحبها ويجد فيها نفسه سيقلل من الوقت والاهتمام المتبقي لديه للصراع مع والديه.

كذلك فإن وجود علاقات أخرى خارج حدود المنزل الكئيبة سواء كانت مع أصدقاء أو أساتذة أو جيران- خاصة لو كان من بينهم شخص أكبر سنا وأنضج عقلا وأرحب صدرا، قادر على احتواء الابن وتعويضه نسبيا عن أبويه- سوف يساعد ذلك على تزويد الابن بالحب والاحترام وممارسة نوعا آخر من التعاملات القائمة على الحوار والتفاهم والتسامح بدلا من تلك القائمة على العض والرفس والنطح!


ثالثا: المعرفة ثم المعرفة ثم المعرفة ... على الابن أن يقرأ ويتعلم ويبحث ويبدأ في تربية نفسه بنفسه من جديد واكتساب معارف ومعلومات وخبرات تزيد من قدرته على حل مشكلاته وتوسع مداركه وتساعده على التطور والنمو أو على الأقل تملأ ذهنه بأشياء أخرى بجانب علاقته بأهله ومن ثم تقلل من مساحة معاناته واهتمامه بتلك العلاقة غير الناجحة.

وهذا الاقتراح تحديدا واسع الأهمية... لأنه سيعينك على اكتشاف كثير من أخطاء أبويك وسيعينك أيضا على التغلب على أي مزاعم غير صحيحة يدعيها الآباء أحيانا لتبرير مواقفهم أهمها استخدام الدين في إقناعك بالطاعة العمياء لهم وقهر أي محاولة لك أن تتمرد عليهم حتى وإن كنت على صواب.

بالمعرفة فقط تستطيع أن تدرك خطأ ما يزعمون وتتغلب على أي محاولة لتشويه وتخريب وإفساد عقلك، وإنك لن تتخلص من هذا الهراء لو أصريت على الاحتفاظ بجهلك.

آباؤنا هم المصدر الأول للتعلم والتعرف على الحياة، وأن تكتشف أن هذا المصدر غير أمين ولا يزودك بمعلومات صحيحة فضلا عن أن تتصدى له وتخلق أفكارك وقناعاتك الخاصة- هي مسألة ليست سهلة، لذلك اقرأ .. اقرأ ... اقرأ.


وأخيرا كلما قل اعتمادك على والديك فكريا وعاطفيا إلى أن تحقق اكتفاءا ماديا وكلما زادت مساحة استقلالك عنهما زادت فرصتك في الحصول على مساحة أكبر من الاحترام من والديك ومساحة أخرى من الإنصات والاستجابة لما تقول.


أفيدونا بتجاربكم على هذه المدونة